السبت 30 نوفمبر 2024

إمرأة العُقاب بقلم ندى محمود

انت في الصفحة 42 من 203 صفحات

موقع أيام نيوز


الغيظ في عيناها فهتفت في صوت حاولت خفضه 
مش هروح البيت ده أنا مامتك عايزة تشوف هنا يبقى تاجي في بيتي 
هتروحي ياجلنار أنا مش بخيرك بعدين هما كلهم كام ساعة وهتمشي 
جلنار بعصبية وتصميم 
ولا دقيقة حتى مش كفاية هستحمل مامتك كمان هستحمل فريدة وحركاتها المستفزة
عدنان ببرود تام 
خلاص يبقى اوصلك البيت واخد بنتي واروح بيها تشوف جدتها

ضحكت ساخرة وقالت بشراسة 
بنتي مش هتبعد عني لحظة واحدة أنا إيه اللي يضملي إنك تاخدها ومترجعهاش ليا تاني أو مراتك الحرباية دي تعمل حاجة في بنتي 
استقرت في عيناه نظرة متقدة حدقها بها لكنها لم تكترث وهتفت باستهزاء 
إيه لتكون اضايقت عشان غلطت في سفيرة الأفاعي بتاعت سيادتك !
أوقف السيارة جانبا وانحنى بوجهه عليها يهمس في نبرة مريبة وڠضب مكتوم 
أنا مش عايز اتعصب واعلي صوتي عشان البنت نايمة خلي يومك يعدي علي خير ويا تيجي معايا من غير كلام كتير يا تروحي على البيت وتستنينا هناك
صرت على أسنانها بغيظ تحاول تمالك أعصابها وهي تطيل النظر في وجهه وبالأخص عيناه القاسېة فبادلته نظرته القاسېة بأخرى خالية من المشاعر فقط البغض الذي يظهر بينما هو فهدأت نفسه الثائرة قليلا وقال وهو يعود وينتصب
في جلسته ليبدأ في تشغيل محرك السيارة من جديد 
أفهم من سكوتك ده إنك هتيجي خلاص
لم تجيبه فقط ظلت ټضرب بمشط قدمها على أرضية السيارة في شكل متتالي بغيظ واحتدام جعل وجنتيها البيضاء إلى حمراء واستمر اهتزاز قدمها هكذا للحظات طويلة وهو يتابعها بعيناه حتى وجدته يضع كفه على فخذها يمنعها من الحركة أكثر ويقول بحدة 
اثبتي عصبتيني !! 
دفعت يده عن جسدها ورمقته بنظرة شرسة لم تغضبه بقدر ما أعجبته وجعلته يبتسم بتلذذ وكانت صيحتها المنذرة فور نظرتها تماما 
قولتلك مليون مرة متلمسنيش 
رمقها بنظرة جانبية في ابتسامة كانت شبه باردة لكنها في الحقيقة تضمر خلفها سخط مكتوم ووعيدا لها حين ينفرد بها بمنزلهم ستكون قد حانت لحظة عقابه الحقيقي لها ! 
في مساء اليوم وفقا لفرق التوقيت بين مصر وكاليفورنيا 
كان بإحدى الحانات المشهورة يجلس على المقعد المرتفع أمام البار وبيده كأس قصير بيضاوي يمده إلى الشاب الذي يقف على البار فيملأ جزء صغير منه ليعود هو بالكأس إلى فمه
ويبتلع النبيذ كله دفعة واحدة 
لا يأتي إلى هنا إلا نادرا واليوم شعر بأنه في حاجة ليتغيب عن الواقع لساعات ويتناسى همومه وصلته الأخبار برحيلها صباح اليوم معه لم تخبره حتى ومنذ آخر مقابلة بينهم أو بالأحرى منذ عودة ذلك الشيطان لم تسأل عنه وتجاهلت وجوده تماما هل كل ما فعله من أجلها ذهب هباءا هكذا بلحظة واحدة ! لكنه هو المخطئ كان عليه أن يتفهم من البداية حنينها وعشقها الدفين للرجل الذي كان سببا في ټدمير زهرته المتفتحة هو من أوهم نفسه ومنح ذاته آمال حمقاء مثله وصدقها والآن يتسكع ويتخبط في أحزانه الساذجة كما وصفها !! 
بدأ يفقد توازنه شيئا فشيء وكذلك وعيه من فرط كمية النبيذ التي تناولها وكان على وشك أن يمد الكأس مرة أخرى حتى يملأه له لولا اليد الرقيقة التي قبضت على رسغه أولا ثم انتزعت الكأس من قبضته وهتفت في عتاب باللغة
الإنجليزية 
حاتم لقد بحثت عنك بكل مكان ماذا تفعل هنا ! 
رفع نظره لها وابتسم ببلاهة ثم أمسك بالكأس مرة أخرى ورفعه أمامها يريها ما الذي يفعله وهم بأن يقربه من فمه لكنها انتشلته من يده بحدة وقالت 
يكفي يبدو إنك شربت كثيرا هيا سأصطحبك للمنزل 
أجابها بصوت ثملا بعدم اكتراث وهو برفض النهوض 
سأبقى لبعض الوقت اذهب إنت
اخرجت من حقيبتها نقودا ودفعتهم لصاحب الحانة ثم أمسكت بذراع حاتم تساعده على النهوض وهي تهتف پغضب 
هيا سنذهب لن
اتركك أكثر من ذلك ستؤذي نفسك 
نهض من على المقعد وسط جذبها له وبمجرد وقوفه اختل توازنه وكان على وشك السقوط لولا أنها لحقته ليستند عليها وسارا معا للخارج 
همهم في نبرة مهمومة 
ذهبت وتركتني ! 
لم تجيب عليه فقط ظلت تحاول مساعدته على السير حتى لا يسقط وتتجه به نحو سيارتها حتى اصبحا على بضع خطوات صغيرة منها فسمعته يهتف للمرة الثانية بعدم وعي وهو يبتسم بابتسامة لعوب 
إنت جميلة جدا اليوم ما رأيك في أن نقضى بعض الوقت اللطيف معا ! 
رفعت رأسها لها وحدقته بدهشة ثم قالت بابتسامة جانبية في حدة متحدثة بلغتها الأم اللبنانية 
ما راح حاسبك هلأ مشان شكلك مو بوعيك أبدا بالصبح بس تفيق بيكون النا كلام تاني 
قهقه بخفة ثم وصلا إلى السيارة ففتحت هي باب المقعد الخلفى وساعدته على الدخول والجلوس وقبل أن تغلق الباب وتتجه إلى مقعد القيادة
 

41  42  43 

انت في الصفحة 42 من 203 صفحات