الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية مع واقف التنفيذ

انت في الصفحة 42 من 61 صفحات

موقع أيام نيوز


أخرى وقالت لها بأسى 
انا
آسفه يا طنط الدكتور حمدى تعبان أوى وسافر بره يتعالج مش موجود فى مصر ومش عارفة اوصله 
أجرت مهرة اتصالا هاتفيا تقوم به لأول مرة منذ زواجها وقالت بارتباك 
علاء من فضلك محتاجة منك حاجة مهمة أوى 
قال بتثاقل وهو ينهض من فراشه 
طب مش تقولى صباح الخير يا حبيبى الأول

قالت بصوت مرتجف 
أرجوك يا علاء مش وقته انا محتجالك 
أنتبه وهو يجلس على فراشه وقال 
خير يا مهرة عاوزه أيه محتاجه فلوس ولا حاجة 
قالت بصوت باكى 
فارس جارنا أمن الدولة خدوه ومش عارفين نلاقيه بيقولوا معتقل بس
فين مش عارفين وانت أكيد ليك اصحاب كتير معروفين ورجال أعمال ممكن يعرفولنا طريقه 
هتف بها حانقا 
مش فارس ده اللى ضربنى 
بكت بشدة وأخذت تشهق وترجوه بمرارة أن يصفح عنه ولكنه قال بتشفى 
أحسن خإليه يتبهدل ولا ېقتلوه ويرحونا منه ربنا خادلى حقى 
شهقت بشدة وأخذ صدرها يعلو ويهبط وهى تبكى وتقول 
أرجوك يا علاء علشان خاطر ربنا أعمل كده لوجه الله طيب طيب علشان خاطر امه المسكينة
صاح بها وهو ينهى المكالمة 
بقولك أيه يا مهرة بلا امه بلا ابوه أنا راجل نجم عاوزه حد يعرف انى اعرف واحد معتقل عاوزه تضيعى مستقبلى 
واغلق الهاتف بقوة وهو يزفر بقوة بينما سقط منها الهاتف وسقطت على الأرض من شدة البكاء ثم سجدت وهى تقول بنحيب 
يارب مالناش غيرك يارب نجيه ده عمره ما أذى حد يارب
طرق صلاح باب حجرة مكتب إلهام ودخل وقد بدا القلق على محياه فاعتدلت وقالت بسرعة 
ها يا صلاح وصلتوا لحاجة عرفتوا عمرو مبيجيش ليه 
أومأ برأسه وقد ارتسم الحزن على قسمات وجهه وقال 
أتقبض عليه من يومين خدوه الفجر من بيته 
هبت واقفة وقالت بفزع 
مين دول اللى خدوه وليه 
رفع كتفيه باسى وقال بحيرة 
مش عارف يا بشمهندسة بس طريقة القبض عليه دى بتقول انهم مش مباحث عادية شكلهم كده أمن دولة 
هوت إلى مقعدها وارتجف قلبها بين أضلعها واتسعت عيناها وهى تفكر وفجاة تناولت سماعة الهاتف وضغطت عدة أرقام ثم قالت بسرعة لمديرة المكتب 
وصلينى بالباشا حالا 
عالم السجون إنه عالم إختلفت فيه المعايير وتغيرت المقاييس لم يعد السچن هو مصير دفع ثلاثتهم بقوة داخل العنبر وأغلق الباب الحديدى خلفهم ليصدر صريرا مزعجا أيقظ على أثره النيام داخل العنبر وقف ثلاثتهم ينظرون إلى بعضهم البعض وأعينهم تفيض
سيبوا ده مېت 
أصابتهم غصة فى حلوقهم وهم يتبادلون النظرات أنحنى بلال لينظر فى وجهه فوجد ما كان يعتقده شاب صغير فى السن له لحية صغيرة واضح عليه اثار الټعذيب بشدة أغمض بلال عينيه پألم وهو يقول 
إنا لله وإنا إليه راجعون 
غادر أربعة مسجونين سرائرهم واقتربوا منهم متسائلين 
أنتوا جايين فى ايه مفيش مظاهرات الأيام دى 
قال الرجل الاخر 
بس حظكوا حلو والله أنكوا جايين فى الوقت ده لو كنتوا جيتوا الصبح كنتوا حضرتوا حفلة الاستقبال
عقد فارس بين حاجبيه وقال 
حفلة استقبال أيه
قال الرجل 
حفلة الاستقبال دى يا سيدى بيستقبلوا بيها كل عربية ترحيلات بتوصل السچن بالكلاب البوليسية وانت وحظك وبعد ما تنزل وانت بتجرى من الكلاب قبل ما تتعض يستقبلوك العساكر بالعصاية الكهربا والكرابيج ساعة ساعتين لحد ما كله يقع على الارض ويستسلم للضړب بعدها بقى يوزعوهم على العنابر دى بقى حفلة الاستقبال
أومأ بلال برأسه وهو يربط على كتفهم مطمئنا ونظر لهم نظرات مطمئنة أنهم قد عبروا تلك المرحلة بأمان فمن الواضح أن صديق فارس كان يعلم هذا أيضا لذلك أمر بترحيلهم فى هذا الوقت من الليل شعر فارس بغصة فى قلبة وهو يرى بلاده لأول مرة بصورة حقيقية غير التى كان يراها فى الخارج فى خارج ذلك العالم عالم السجون والمعتقلات أخذهم
زملاء العنبر إلى أفرشتهم كل واحد منهم على سرير صغير عليه بطانية خشنة 
جلس عمرو على طرف فراشه مشدوها لما رأى فى تلك الأيام أولا فى أمن الدولة وثانيا هنا فى السچن وقال پغضب وعصبية موجها كلامه لفارس 
وبعدين يا فارس هنفضل كده لحد أمتى حتى منعرفش تهمتنا ايه 
جلس أحد الرجال على السرير بجواره قائلا
لا لازم تهدى وطى صوتك اللى بيعلى صوته هنا بيتسحب على عنبر التأديب 
ألتفت عمرو إليه وحدق به قائلا 
ايه عنبر التأديب ده كمان
أبتسم الرجل وقال 
اه معلش كان المفروض أشرحلكم من الاول النظام هنا السچن متقسم كذا عنبر عنبر التأديب وده متقسم زنازين صغيره مترين فى مترين وده بيبقى أنفرادى 
رشوة ولا فساد والمعاملة فيهم معاملة خمس نجوم 
وهنا بقى العنبر السياسى وده كل اللى بيقول رايه فى البلد دى ومعظمه مشايخ زى ما أنت شايف أبتسم بلال وهو يومىء برأسه 
وقال 
ونسيت عنبر الاخوان 
ضحك الرجل بصوت خفيض وقال ل بلال 
اظاهر انك جيت هنا قبل كده يا شيخ
قال بلال بجمود 
جيت مرة واحدة بس عرفت كتير
كتم عمرو غضبه وقال 
برضه محدش جاوبنى هنفضل كتير ومن غير ما نعرف تهمتنا ايه 
ربت الرجل على كتفه قائلا 
طالما محدش حقق معاكوا يبقى مفيش تهمة وبما أنكوا جايين دلوقتى يبقى انتوا مش معتقلين رسمي
قال فارس بإقتضاب 
يعنى أيه مش رسمي
تكفل بلال بالرد عليه قائلا 
يعنى زي ما صاحبك قالك متوصى علينا 
أقترب عمرو من فراش بلال وجلس على طرفه قائلا 
مين اللى هيوصى علينا يتعمل فينا كده مين 
قال بلال وهو ينظر أمامه بشرود 
مش عارف يا عمرو بس الموضوع ده شكله هيطول ولازم نحاول نهدى علشان نعرف نفكر 
قال كلمته الأخيرة ثم نهض قائلا
تعالوا نصلى على الأخ اللى ماټ ده 
قال الرجل الذى يحدثهم 
هيجوا يخدوا جثته الفجر مع انهم عارفين ان فى واحد مېت هنا من بعد العشاء
ميرسى يا فندم 
نطقت دنيا بهذه العبارة وهى تتناول الشيك من والد هانى المتهم فى قضية القټل
قال الرجل بلهفة 
يارب يا أستاذة ربنا يسمع منك 
ثم قال بتساؤل 
هو الدكتور فارس مجاش النهاردة ولا ايه 
قالت بتمساك
الدكتور فارس مش بيجى كل يوم ولما بيكون مش موجود انا ببقى مكانة
أومأ الرجل برأسه متفهما وقال 
المهم عندى أنه هو اللى يشتغل القضية بنفسه 
رفعت حاجبيها بدهشة مصطنعة وهى تقول 
طبعا يا فندم القضايا اللى زى دى الدكتور فارس هو اللى بيكتب فيها المذكرات وهو اللى بيترافع واحنا بس بنعمل الشغل الارى والمالى بتاعها علشان كده طلبت من حضرتك تكتب الشيك بأسمى يعنى حضرتك هتشوفوا فى المحكمة ان شاء الله 
بعد قليل أنصرف الرجل ودخل خلفه وائل مسرعا وقال بعينين لامعتين 
أداكى الشيك
ابتسمت بثقة وهى ترفع الشيك أمام عينيه ثم وضعته فى حقيبتها قائلة بقلق 
أهى الفلوس بقت معانا والراجل جاب الاتعاب كلها مش نصها زى ما كنا فاكرين عاوز ابنه بأى طريقة يارب بقى باسم يخلصنا من القضية دى بسرعة بقى انا قلقانة أوى 
قال وائل مشجعا 
متقلقيش يا أستاذة أنت قدها وقدود والأستاذ باسم خلاص ظبط الناس مش ناقص غير الفلوس علشان ينفذوا
ربتت على حقيبتها وهى تقول 
وأهى الفلوس يلا بقى كلمه وخليه يخلصنا 
تحدث وائل هاتفيا مع باسم وأخبره أن المال قد أصبح بحوزت دنيا مد وائل يده بالهاتف إلى دنيا قائلا
الأستاذ عاوز يكلمك
تناولت الهاتف وقالت بتعالى 
أيوا
ابتسم باسم عندما لاحظ نبرة صوتها المتعالية وقال بسخرية 
طب حتى استنى لما تصرفى الشيك وبعدين ابقى اتغرى براحتك
خير يا أستاذ باسم 
بكرة هنروح نصرف الشيك سوا ونطلع على طول على سكرتير النيابة نكيشه ونخلص معاه وبعدين نقعد مع بعض ونقسم الاتعاب علينا زى ما اتفقنا ماشى 
قالت بإقتضاب 
بس هنقعد فى مكان عام مش عندك فى المكتب
أطلق ضحكة عالية أشعرتها بالاشمئزاز وقال بخبث 
أيه موحشتكيش ولا ايه 
أتسعت عينيها وشعرت أنها ستتقيأ عندما ذكرها بما حدث سابقا أغلقت الهاتف فى وجهه وهى تتمتم 
حيوان 
وقف صلاح ينظر إلى إلهام التى كانت تتحدث فى الهاتف بلهفة وهى تقول لمحدثها 
طبعا يا باشا من رجالتنا ومينفعش نسيبه كده دى حتى تبقى وحشه فى حقنا وبعدين اللى موصى عليه ده مش أكبر من معاليك 
صمتت بعض الوقت تستمع إليه ثم قالت بثقة 
يافندم أرهاب أيه بقول لمعاليك من رجالتنا
صمتت قليلا ثم قالت وهى تنقر على سطح مكتبها بأطراف أصابعها بعصبية 
ماشى يا فندم اللى تشوفه ساعتك المهم
بس ميطولش كتير 
أغلقت الهاتف وزادت عصبية نقرها على المكتب فقال صلاح متلهفا
ها يابشمهندسة ايه الاخبار
ضړبت المكتب بقبضتها وهى تقول بضيق 
لو كان لوحده كان طلعه بسهولة المشكلة فى الاتنين اللى معاه علشان كده بيقولى الموضوع
هياخد وقت 
قال صلاح بحزن 
يعنى الولد المسكين ده هيفضل مرمى كده من غير ذنب 
قالت بعصبية 
مش قادره اعمل اكتر من كده يا صلاح أنا وصلت لأعلى المستويات كل اللى وعدونى بيه أن محدش هيقربله وهيفضل هناك معزز مكرم لحد ما يطلع 
خبطت سطح مكتبها مرة أخرى حتى آلمتها قبضتها ففركتها بغيظ وضيق وهى
تقول 
لو كان لوحده كنت عرفت اطلعه النهاردة المشكله فى الاتنين اللى مربين دقنهم اللى معاه دول أنا عارفة أيه الأشكال اللى بيعرفها دى!
فتح باب العنبر مرة أخرى فتعلقت أبصار الجميع به دخل الشاويش المسئول عن العنبر وتقدم باتجاه عمرو وفارس وبلال وأشار إليهم بحزم وقسۏة قائلا
تعالوا معايا انتوا التلاتة
نظر ثلاثتهم إلى بعضهم البعض بتساؤل فصړخ بهم بصوت كريه مرة أخرى 
بقول قوم انت وهو
نهض ثلاثتهم وهم ينظرون إليه بحنق وتعلقت به أبصار شركائهم فى العنبر وهم ينظرون إليهم بشفقة سار ثلاثتهم خلفه وبعد أن أغلق العنبر أمرهم ان يسيروا خلفه ساروا قليلا حتى توقف بهم أمام أحد الزنازين وشرع فى
فتح بابها وهو يقول متبرما 
حظكوا من السما 
ألقى ثلاثتهم أجسادهم على فرشهم بإنهاك شديد ولأول مرة تذوق عيونهم طعم النوم منذ اعتقالهم 
بعد ساعة استيقظ بلال على هزات خفيفة أنتبه من نومه دفعة واحدة بإنفعال فربت الرجل الذى كان يوقظه على صدره يهدئه وهو يقول 
أهدى يا أخى انا بصحيك علشان تلحق الصلاة متخافش
نهض بلال وهو يشعر أن عظامه مختلطة ببعضها البعض فى ألم شديد توجه إلى فارس وعمرو وأوقظهما بنفس الهزات الخفيفة فاستيقظوا بنفس الأنتباه المفاجىء واتساع حدقاتهما بإنفعال شديد فطمئنهم وهو يقول 
يلا قوموا علشان نلحق الصلاة
زفر عمرو بقوة وهو يقول 
يا أخى حرام عليك ده انا مصدقت يغمضلى جفن
توجه فارس إليه وهو يمسك بيده لينهضه رغما عنه قائلا 
قوم صلى يا عمرو الله أعلم احنا أعمارنا هتخلص أمتى هنا
وقف بلال بعد أن توضأ ليصلى بهم ولكن الرجل الذى أيقظه اقترب منه وقال محذرا 
كل واحد يصلى لوحده يا دكتور صلاة الجماعة ممنوعه هنا
أومأ بلال برأسه وقد تذكر فألتف إليه فارس قائلا 
ويمنعوا صلاة الجماع ليه 
ضړب عمرو كفا بكف وهو يقول 
هو أحنا فى غوانتانمو ولا ايه
أنتهى الثلاثة من صلاتهم تباعا واحدا
تلو الآخر مر يومان والحال هكذا لم يتغير 
كانت بوابة الزنزانة تغلق عليهم فى تمام الخامسة والنص مساءا وكذا يكون أنتهى اليوم داخل السچن فيبدأ بلال فى أعطائهم بعض التمرينات الرياضية التى تقوى عظامهم لتستطيع تحمل خشن العيش داخل
 

41  42  43 

انت في الصفحة 42 من 61 صفحات