كان العمده و زوجته و ابنهما نبيل يعيشون معا في بيت كبير
انت في الصفحة 1 من 3 صفحات
الغابة المسحورة
قصة كاملة
النصف الاول..... والثاني الأخير
كان العمدة وزوجته وابنهما نبيل يعيشون معا في بيت كبير يقع قرب الحقول في القرية. وقد كبرت سن العمدة وزوجته وأرادا أن يتزوج ابنهما كي يفرحا به. ونصحا له بأن يختار ابنة عمدة من أصدقاء الأسرة. وقد عرف نبيل ابن العمدة بالشجاعة والإقدام والفروسية وإجادة ركوب الخيل وأحبه سكان القرية لعطفه عليهم وحبه لهم. وكذلك مساعدتهم فيما يحتاجون إليه من الأعمال ورجوا أن يتزوج ويحل محل أبيه ليطمئن عليه أبوه في حياته. وذات يوم قال له أبوه ابني العزيز لقد أتى الوقت الذي ينبغي أن تتزوج فيه. وإني أرى أن تتزوج ابنة الشيخ مصطفى صديقي وهو عمدة لإحدى القرى وأستحسن أن أرسل إلى أبيها لأخطب لك ابنته. لأني أعلم أنها كريمة الخلق متعلمة وقد ربيت تربية كاملة ولا ينقصها شيء مطلقا. قال نبيل لأبيه إني لا أعرف ابنة صديقك العمدة ولم أرها. وأرجو أن تسمح لي يا أبي بأن أغير مظهري وملابسي وأخفي شخصيتي وأذهب إلى قريته. وأجتهد حتى أرى تلك الفتاة من غير أن تعرف هي حقيقتي وشخصيتي. ولكن العمدة خاف أن يذهب ابنه وحده. وعرض عليه أن يرسل معه أحدا من أقاربه أو أصدقائه أو حارسا قويا من حراس القرية. كان نبيل قوى الجسم معروفا بالشجاعة حسن الحيلة فطمأن أباه حتى سمح له بالذهاب وحده في رحلته. وقال له اذهب يا بني وسأؤجل التكلم في موضوع الخطبة حتى ترى خطيبتك بنفسك وترجع من رحلتك. وأرجو ألا يطول غيابك. اذهب وسلم على والدتك وودعها قبل ذهابك واطلب منها أن تدعو لك بالتوفيق في حياتك. اذهب وأعد نفسك والله معك. ولا تضع وقتا. وفى الصباح التالي استيقظ نبيل مبكرا في الفجر واستعد استعدادا تاما لرحلته وقد لبس حلة بدلة قديمة ممزقة رمادية اللون. وترك حصانه ولم يأخذ معه شيئا من النقود الذهبية. واكتفى بأخذ عصا غليظة يتوكأ يستند عليها في الطرق الصعبة ولم يحمل معه في رحلته غير هذه العصا.
نبيل بعيدا عن قريته. استمر يمشى في طريقه حتى رأى راعيا كبير السن يرعى قطيعا من الغنم. وهو جالس في الظل تحت شجرة كبيرة ليتناول طعامه. فذهب إليه نبيل وسلم عليه فدعاه الراعي ليأكل معه فشاركه نبيل في غذائه اليسير شاكرا له دعوته. لم يعرف الراعي نبيل من قبل ولم يعرفه نبيل بنفسه. ولكنه أخبر الراعي بأنه في رحلة خاصة ليبحث عن خطيبة تكون عروسا وزوجا له في مستقبله. فحذره الراعي من ساحر خطړ شرير يعيش في غابة مسحورة سوداء قريبة من الجبل. وقد لحظ نبيل أن الراعي حزين والحزن ظاهر على وجهه فسأله لماذا أراك حزينا أرجو أن
ما تعرفه عن ذلك الساحر وألا يكون قد أصابك منه ضرر.
هز الراعي رأسه بحزن وقال كنت في يوم من الأيام شابا مثلك كثير الآمال. وأحببت من قريتي فتاة كاملة جميلة الصوت تسمى لطيفة. وفى اليوم المحدد لزواجنا اضطررت أن أذهب إلى الحقل لأحضر قطيع الغنم إلى حظيرتها زريبتها التي تفع خلف البيت في قريتنا. فلما رجعت في المساء وجدت أن عروسي لطيفة خطفت وأخفيت في الغابة المسحورة. وقد خطڤها ذلك الساحر المؤذي. وكل ما عرفته من الناس الذين شاهدوا الحاډث أن لطيفة كانت تغنى بصوتها العذب الجميل على سطح بيتها. فحدثت زوبعة شديدة وانقض الساحر وسط الزوبعة وخطڤ
على فقراء القرية والمحتاجين فيها. ولم ترد فقيرة تذهب إليها في بيتها من غير أن تساعدها وتعطيها ما تحتاج إليه. وفي ليلة قمرية من الليالي كان في بيت عمدتنا حفل عيد ميلاد لابنته الواحدة أمينة. فدخل الساحر بيت العمدة مختبئا في مظهره مع المدعوين من الأقارب ولم يحس به أحد. وكان الجميع معجبين بالآنسة أمينة. وفجأة حدثت زوبعة شديدة داخل البيت فاضطرب الحاضرون وشغلوا بالزوبعة وتغيرت صورة الساحر. واختبأت بنت العمدة وحملها الساحر وطار بها في السماء وأخذها إلى غابته المسحورة. وحار الجميع في الأمر وعجبوا كل العجب ولم يروا أمامهم إلا سحبا كثيفة سوداء. ولم يعرفوا ماذا يفعلون. وقد حدثت ضجة في القرية. وانتشر الخبر فيها سريعا وجرى العمدة وأقاربه ومن عنده من الحرس. وخرج كثيرون من القرية للبحث عن الفتاة المحبوبة التي خطڤها الساحر وخاطروا بحياتهم لإنقاذها وإعادتها إلى أهلها. ووصلوا إلى مدخل الغابة ومعهم أسلحتهم ولكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا ورجعوا جميعا مهزومين. ولم يمكنهم أن يتغلبوا على ذلك الساحر فقد قوبلوا عند وصولهم بزوبعة فظيعة فتفرقوا وتاه بعضهم. ورجعوا بدونها إلى القرية بعد أيام ولم يتمكنوا من دخول الغابة السوداء. وعادوا أقل عددا مما ذهبوا. تألم نبيل كل الألم واغتاظ كل الغيظ واحمرت عيناه بعد أن سمع تلك القصة ونسي كل شيء
فكر في أن يتزوجها وأخذ عصاه الغليظة وقام للبحث عن الفتاتين المخطوفين في الغابة المسحورة. فصاح الراعي وقال له لا لا أيها الشاب لا تحاول أن تدخل تلك الغابة السوداء. وأمسك بنبيل من يديه وحاول أن يمنعه من الذهاب إلى الغابة ويرجعه عن قصده ولكنه لم ينجح في إقناعه ومنعه. وسأله نبيل كيف أعرف مدخل الغابة السوداء
أجابه الراعي إن عند مدخل الغابة ثلاثة من الطيور الكبيرة البيضاء تحرس الباب وتطير حوله وتراقب كل من يحوم حول الغابة أو يقترب منها. فإذا رأت أحدا غريبا أخبرت الساحر في الحال ويظن بعض الناس أن تلك الطيور هي التي تعمل الزوابع والعواصف بأجنحتها إذا أراد الساحر. فاتعظ يا بني واستمع النصيحة وابتعد عن ذلك المكان الخطړ فلن تسمح لك الطيور الثلاثة بالدخول. تألم نبيل مما سمع وإجابة عن هذه النصيحة طلع فوق الشجرة وقطع فرعا منها وصنع منه بالسکين الذي في جيبه قوسا وسهما ليدافع بهما عن نفسه وقال للراعي لا تخف علي وانتظر كل يوم رجوعي إليك. وتأكد أني سأحضر لك معي عروسك التي خطفت أو أخبارا عنها على الأقل إذا رجعت ثانية. حزن الراعي لفراق نبيل وخاف عليه ودعا له بالنجاح في مغامرته وودعه نبيل وسار في طريقه إلى الغابة السوداء. واستمر في سيره حتى رآها عن
بعد. ورأى الطيور الثلاثة الكبيرة
البيضاء تطير فوق مدخل الغابة وسمع حركة أجنحتها كأنها صوت رياح شديدة أو مياه كثيرة متدفقة. رأته الطيور الكبيرة البيضاء وهي تراقب كل حركة عند مدخل الغابة وأخذت تطير وتحلق فوق المدخل بشكل دائري. وقد مالت الشمس نحو الغرب وقربت أن تغرب. كان نبيل يعرف حيوانات الغابة وطيورها وعرف أنها تتأثر بالموسيقي ونغماتها فاستعد بقوسه وسهمه ليستعملهما عند الضرورة وجلس في داخل فجوة فتحة في شجرة ضخمة كبيرة وبدأ يصفر ويزمر بمزمار معه ويحدث نغمات موسيقية هادئة ويرسل تلك الموسيقي العذبة الهادئة نحو الطيور البيضاء القريبة من المكان الذي اختبأ فيه. تأثرت الطيور بنغمات الموسيقي وتغيرت حركاتها فبعد أن كانت تطير بشكل دائري لتهجم عليه توقفت عن الطيران وأمالت رؤوسها لتصغي وتتمتع بالموسيقي العذبة الهادئة ونزلت ثم وقفت على صخرة كبيرة مسطحة بجانب مدخل الغابة. استمر نبيل يصفر ويزمر ويلعب الموسيقي وغير النغمة وجعلها نغمة منومة حتى نامت الطيور البيضاء متأثرة بالموسيقي ووضعت رؤوسها تحت أجنحتها ونامت نوما عميقا.
اطمأن نبيل ونجح في تنويم الطيور البيضاء ومر بينها ودخل الغابة المسحورة التي لم يدخلها إنسان قبله ډخلها بهدوء خوفا من أن يسمعه أحد أو يراه حراس آخرون للساحر. دخل الغابة المخيفة وقد أظلم الليل وأحس بالتعب بعد رحلته الطويلة ومشيه طول النهار فجلس ليستريح وانتظر حتى يطلع القمر. ولشدة تعبه نام نوما عميقا. وحينما استيقظ من نومه لم يعرف مقدار المدة التي نامها ووجد القمر مضيئا ورأى بجانبه قطة بيضاء واقفة على رجليها الخلفيتين تنظر إليه بعينيها الزرقاوين نظرة كلها عجب واستغراب وحول رقبتها شريط من الحرير البرتقالي اللون وتلبس فوق جسمها رداء فستانا حريريا ذهبي اللون. وقد عجب نبيل حينما رآها واعتقد أن هذا هو الساحر نفسه في صورة قطة فأمسك القوس والسهم بيديه واستعد لقټلها وسألها هل أنت صاحبة الغابة المسحورة أجابت القطة البيضاء لا تخف فأنا مثلك وقد كنت عروسا فسحرني هذا الساحر الشرير وجعلني تحت سيطرته ونفوذه ثم سألته من الذي أتى بك إلى
هذا المكان الموحش والسجن
المنقطع عن العالم قص