كان العمده و زوجته و ابنهما نبيل يعيشون معا في بيت كبير
عليها نبيل قصته حتى وصل إلى الجزء الخاص بالطيور التي عند مدخل الغابة فارتعدت القطة البيضاء خوفا عليه وقالت له إني خائڤة عليك لأن من دخل هذه الغابة استعبده الساحر وجعله خاضعا له بطريقته السحرية. قال نبيل صفى لي هذا الساحر فقد أتيت إلى هنا لأبحث عنه. وإني أريد أن أعرفه عندما أقابله. فحذرته القطة وقالت له اخفض صوتك ولا تتكلم بصوت مرتفع فقد يأتي إلينا في أي لحظة. وإننا لم نره بصورته الحقيقية فأحيانا نراه في صورة رجل وأحيانا في صورة قزم من الأقزام ومرة نراه بشكل زوبعة شديدة أو سحابة كثيفة سوداء فإذا أعجب
نفذ نبيل ما أمرت به القطة وزحف مسرعا حتى وصل إلى المغارة وانتظر أن تتبعه القطة ولكنها لم تتبعه فعجب من أمرها وذهب إلى المغارة واختار مكانا يرى منه ما يحدث في الخارج فرأى في ضوء القمر قطة بيضاء تلبس رداء فستانا حريريا ذهبي اللون وترقص رقصا جميلا منتظما إلى الأمام ثم إلى الخلف فأعجب نبيل برقصها ونسى الخطړ الذي يقرب منه ويحيط به وفكر في أن يصفق لها إعجابا بها. ولكنه في تلك اللحظة سمع صوت استحسان يقول حسن جدا أيتها القطة الجميلة البيضاء. فخاف قليلا عندما سمع ذلك الصوت وهو نائم على الأرض. انقطع الصوت ورأى القطة هادئة ساكنة فخرج من المغارة يجرى واتجه نحوها ففتحت عينيها وقالت لنبيل إنني بخير. وقد ذهب الساحر إلى حاله وحينما يطالبني بالرقص أرقص وقد أمكث مدة طويلة ولا أستطيع أن أقف إلا إذا سمح لي. قال نبيل إنني أعلم أنه قد سحرك ووضعك تحت سيطرته وأمره ولكن مستعد لأن أنقذك من شړ هذا الساحر إذا استطعت فهل هناك وسيلة بها أستطيع مساعدتك أجابت
النصف الثاني والنهايه
وأقول الكلمة السحرية التي يرددها الساحر ثلاث مرات فيزول السحر
وفي هذه الغابة طريق موصل إلى الحجارة البيضاء التي توصل إلى الحجرة السحرية. هذا كل ما أعرفه وما أستطيع أن أخبرك به. فسألها نبيل أخبريني من أنت وكيف كان شكلك عندما جئت إلى هنا هزت القطة البيضاء رأسها وقالت أحضر المرآة السحرية أولا واعرف الكلمة السحرية التي بها يزول السحر إذا كنت سعيد الحظ. وفي ذلك الوقت سترى صورتي على حقيقتها وستعرف كل شيء عني.
وقد اعتادت
عيناه الحياة في الظلام بالريف فلم يخف ونظر حوله فرأى باب في آخر المغارة من بعيد فاتجه إلى ذلك الباب وفتحه فوجد هناك رجلا يلبس كما يلبس الأمراء ويجلس ظهره إلى الباب وهو ينظر في صندوق وضع أمامه على المنضدة الطرابيزة. لم يلحظ الرجل نبيل ولم يره. وقد اعتقد نبيل أن هذا هو الساحر عينه فوقف ساكنا لا يتحرك وسمعه يردد الكلمات الآتية ثلاث مرات أت سرب أت سرب أت سرب. ثم رأى الرجل نفسه بعد مدة قصيرة قد تحول إلى قزم كبير السن نحيف الجسم. أقفل القزم الصندوق الذي على المنضدة ثم وقف فرأى نبيلا وقابل نبيل الساحر الشرير وجها لوجه بكل شجاعة. ذهب الساحر إلى الصندوق ليفتحه ويخرج منه المرآة السحرية فوجده مقفلا. وكان مفتاح القفل معلقا بخيط حول رقبته. وحينما فتح الصندوق بالمفتاح وأخرج المرآة منه تذكر نبيل ما قالته القطة البيضاء عن المرآة السحرية التي في الصندوق. وقد فكر الساحر في أن يجعل نبيل ينظر في المرآة ليحوله إلى صورة أخرى ويتحكم فيه ويسيطر عليه. عرف نبيل ذلك جيدا ولم يخطف المرآة منه خوفا من أن تكسر وهو يريد أن يحصل عليها بكل وسيلة ليحول القطة البيضاء إلى صورتها الأولى وينجيها من الاستعباد ويعيد إليها الحرية.
التي بها يزول السحر وقطع نبيل الخيط
الذي في
رقبته وأخذ المفتاح منه ڠصبا فتحول القزم الشرير في الحال إلى ضفدعة قبيحة المنظر وأخذت تزحف على أرض المغارة. كتب نبيل الكلمات السحرية حتى يتذكرها ولا ينساها ووضع المرآة في الصندوق المعدني ثم أغلق غطاءه فسمع الطائر الذي فوق رأسه يغني غناء عذبا بصوت جميل. وبعد أن انتهى الطائر من غنائه نظر إليه نبيل وسأله من أنت أيها المخلوق العذب الصوت أعتقد أنك من سيئي الحظ الذين أساء إليهم الساحر الشرير بسحره.
نزل الطائر المغنى من فوق الشجرة ووقف على المنضدة التي وقف نبيل بجانبها وأخذ يخبره حكايته ويقول منذ سنوات طويلة كنت فتاة من الفتيات
الجميلات. وأسمى لطيفة. وكنت أغنى كثيرا بصوت عذب
جميل وفي يوم من الأيام خطبني راع من رعاة الغنم. وكنت سعيدة في حياتي مع أسرتي. وقبل أن أتزوج بيوم واحد لبست ملابس الفرح والعرس لأجربها على نفسي وأتأكد من أنها مناسبة لجسمي. وأخذت أغني غناء يدل على أني مسرورة سعيدة فسمعني الساحر الشرير وهو مار في الطريق يلبس كما يلبس الفلاحون الذين يزرعون الأرض وأعجب بصوتي فدخل من باب حجرتي كأنه زوبعة أو ريح شديدة وأخذني وأنا بملابس الفرح وحملني إلى هذه الغابة وطار بي كالريح في الجو وأخذت أصيح بأعلى صوتي وأطلب من يساعدني ويخلصني من بين يديه وخرج خطيبي وأهلي وأقاربي ورائي وحاولوا إنقاذي فلم يستطيعوا ورجعوا كما أتوا. ومنذ ذلك الوقت أعيش طائرا في الغابة وأغنى للساحر في أي وقت يريده وأشتغل كأني مغنية خاصة به. تألم نبيل لحالها وفتح الصندوق وأخرج منه المرآة السحرية وأبعدها عن وجهه وقال لها انظري إلى المرآة وكررى هذه العبارة السحرية أت سرب ثلاث مرات ليزول عنك السحر وترجعي إلى صورتك الأولى. نظر الطائر إلى المرآة ونفذ ما أمر به فتحول الطائر في الحال بقدرة الله إلى فتاة جميلة تلبس ملابس الفرح والعرس كأنها في ليلة الزفاف والزواج. عجب نبيل كل العجب وتأكد أن هذه خطيبة الراعي. ولحظ أنها صغيرة السن في حين أن عريسها الذي انتظرها كل السنوات الطويلة الماضية صار هرما كبير السن أبيض الشعر مجعد الوجه.
أسرع نبيل وذهب إلى المكان الذي ترك فيه القطة البيضاء والقمر طالع. وتبعته العروس الجميلة فوجد القطة تنتظر رجوعه وقد استغربت حينما رأت معه هذه العروس. فقال لها لقد أخذت المرآة السحرية من الساحر وعرفت الكلمة السحرية التي يزول بها السحر وقد رجعت إلى صورتها الأولى وصارت الآن حرة ولا سلطان لأحد عليها. وقد عاقب الله الساحر وصار ضفدعة وزالت عنه قوته السحرية بعد أن أخذت منه الصندوق المعدني ومفتاحه والمرآة السحرية ولم أقتل الضفدعة وتركتها لحالها. ويكفي عقاپا للساحر أن تكون ضفدعة طول حياته. فتح الصندوق وأخرج
منه المرآة
وناولها للقطة البيضاء فنظرت إليها وكررت العبارة السحرية ثلاث مرات فزالت القطة وتحولت إلى صورتها الجميلة الأولى ووقفت مكانها ابنة العمدة التي خطفت ليلة عيد ميلادها أمام نبيل وهي تلبس رداء فستانا من الحرير الذهبي اللون وحذاء أصفر وعيناها زرقاوان جميلتان. رآها نبيل فأحس أنه وجد أخيرا الفتاة الكاملة التي يريد أن يتزوجها. وتأكد أنها ابنة العمدة المخطۏفة ابنة الشيخ مصطفى. وحينما طلعت الشمس ذهب نبيل وابنة العمدة وعروس الراعي إلى مدخل الغابة المسحورة فوجدوا الطيور الثلاثة البيضاء لا تزال نائمة كما تركها فأخرج نبيل المرأة من صندوقها وحركها أمام الطيور النائمة وكرر الكلمة السحرية ثلاث مرات فتحولت في الحال إلى ثلاثة أحصنة بيضاء وأخذت تصهل كأنها تريد أن تترك هذه الغابة السوداء. ركبت ابنة العمدة حصان وركبت عروس الراعي حصانا آخر وركب نبيل الحصان الثالث ورجعوا جميعا وكان نبيل في المقدمة لأنه عرف جيدا أن الراعي الأمين ما زال ينتظره تحت الشجرة في الحقل وأمامه الغنم. فكر نبيل وهو راكب كيف يكون شعور الراعي الكبير السن حينما يرى عروسه لطيفة الجميلة ثانية وكيف يكون شعورها حينما ترى عريسها بعد هذه السنوات الطويلة وتحس أن حبه العميق لا يزال في قلبه كما كان عندما خطفت منه وأنه انتظرها عشرات من
السنين ولم يفكر في غيرها
واستمر مخلصا لها الإخلاص كله تلك السنوات الطويلة.
وحينما وصلوا إلى الراعي
عرف عروسه وناداها باسمها وعرفته ونزلت